خالد الشيخ عطا المولى شرفاوى نشيط
عدد الرسائل : 51 تاريخ التسجيل : 12/02/2009
| موضوع: الفلك عند العرب الثلاثاء مارس 10, 2009 2:11 pm | |
| الفلك عند العرب
لم يكن لدى عرب الجاهلية دراسات منتظمة في علم الفلك ، ولا أرصاد مبنية على أساس الأجهزة العلمية . ولكن كان للاسترشاد بالنجوم في الصحراء ما دفعهم إلى إمعان النظر الدائم في النجوم والكواكب واختيار أسماء لهم كالشعرى اليمانية والرجل والغول . ولقد أثار دهشتهم تغير مواقع القمر بين النجوم وعودته إلى مكانه الأول كل حوالي ثمانية وعشرين يوما ً يقطع فيها دائرة سماوية كاملة . لذلك قسم العرب في الجاهلية تلك الدائرة إلى ثمانية وعشرين قسما ً ، يحل القمر في كل منها يوما ً كاملا ً ، وأطلقوا على تلك الأقسام منازل القمر . ومنذ بداية حكم العباسين بدأ تطور شامل في نهضة العرب العلمية ، وأخذ العرب يترجمون كل مايقع تحت أيديهم من المراجع الأجنبية ، وكان من أهمها مرجع مهم في علم الفلك اسمه السد هانت ، حيث حرفه العرب إلى اسم السند هند . لقد كان الاعتقاد السائد عند علماء الفلك العرب أن الجزء الداخلي من هذه الكرة ساكن لا يتحرك ، بينما باقيها يدور حول نفسه دون أن يتحرك من مكانه إلى مكان آخر .
وان الأرض موجودة في الوسط بحيث ينطبق مركزها على مركز الكون . وكان علماء الفلك العرب يرون أن الجزء المتحرك من الكون ، وهو ما أسموه بالأثير ، هو ماتوجد فيه النجوم والكواكب السبعة المعروفة آنذاك . أما الجزء المتحرك إلى ثماني حلقات يختص كل كوكب بحلقة منها لا يتجاوزها ، ولكنه يتحرك في حدودها ، أما الكرة الثامنة فهي التي تحتوي على النجوم . ولو نظرنا إلى الكواكب السبعة من القمر إلى زحل ، لوجدنا أن الشمس وقد اعتبرها كوكبا تقع في وسطها ، ولذلك أطلق على الكواكب الثلاثة الداخلية القمر ، عطارد ، والزهرة الكواكب السفلية ، بينما أطلق على المريخ والمشتري وزحل اسم الكواكب العلوية .
ولقد سمى العرب النجوم بالكواكب الثابتة لأن أوضاعها بالنسبة لبعضها ثابت لا يتغير بمرور الأيام ، بينما للكواكب الأخرى حركات سريعة سواء بالنسبة لبعضها أو بالنسبة للنجوم . وهم في هذا التقسيم اعتبروا كل ماهو متحرك بالنسبة للنجوم كوكبا ً . وعلى هذا الأساس أدخلوا الشمس والقمر في مجموعة الكواكب . وقد أطلق العرب على مجموعة النجوم اسم الكوكبة : مثل كوكبة الدب الأصغر ، وكوكبة الدب الأكبر ، والجاثي ، وذات الكرسي . ولقد اختار علماء الفلك العرب أسماء خاصة لأكثر النجوم لمعانا ً في السماء ، وقد انتقلت بعض الأسماء العربية إلى اللغات الأجنبية ، وظلت مستخدمة إلى الوقت الحاضر ، وهناك قائمة تشتمل على 157 نجما ً بأسماء عربية الأصل مثل : الطائر Altair ، إبط الجوزاء Betelguese ، فم الحوت Fomalhout ، الغول Al gol ، الرجل Rigl ، العذراء Adara ، الخوار ، السهى Alcor ، الزورق Zaurak . في عهد الخليفة المنصور اهتم العالم إبراهيم الفزاري بعلم الفلك ، فقام بصنع أول جهاز ليستعمله العرب لتحديد ارتفاع النجوم والكواكب لاستنتاج الوقت وخط العرض ، والمسمى الإسطرلاب أي متتبع النجوم . وفي عهد المأمون تم في بغداد إنشاء أكاديمية علمية أطلق عليها بيت الحكمة ،وألحقت بها مكتبة ضخمة ومرصد تحت إشراف سند ابن علي رئيس الفلكيين الذين دأبوا على تسجيل أرصاد مختلف الظاهر الفلكية بصفة مستمرة وبطريقة علمية ، وكان من أشهر الراصدين في ذلك الوقت أحمد بن عبدالله المروزي الشهير بالحساب ، لأن معظم مؤلفاته مبنية على الحسابات الفلكية ، كما أنه أول من أدخل تحديد الوقت في أثناء النهار برصد ارتفاع الشمس عند الأفق . أما في العصر الفاطمي ، فقد برز عبد الرحمن بن يونس المصري ، حيث رصد ابن يونس كسوف الشمس وخسوف القمر في القاهرة عام 978 ، وهو أيضا ًاخترع البندول ، وبذلك يكون قد سبق جاليليو بعدة قرون . كما برز من علماء المسلمين ابن سينا (980-1037 ) وهو أبو على الحسين بن عبدالله بن سينا ، ويعتبر ابن سينا أول مكتشف لقانون الحركة الأول قبل إسحاق نيوتن . أما الفلكي الرياضي أبو الحسن علاء الدين بن الشاطر فقد ولد في دمشق عام 1304 وتوفي عام 1375،و درس الحساب والفلك والهندسة ، وتنسب إليه عدة كتب جميعها في الفلك منها ( زيج ابن الشاطر ) وفيه تحقيق أماكن الكواكب ، كما أنه اختراع آلة لحساب المواقيت سماها ( الربع التام ) ، وقد وضع ابن الشاطر نظرية جديدة في حركة الكواكب ورصدها تسبق ما قال به كوبرنيكوس عالم الفلك الذي جاء بعده بعدة قرون ، وأثبت ذلك بقوله : ( لذا الأرض والكوكب المتحدة تدور حول الشمس بانتظام ، والقمر يدور حول الأرض ) ، ومن علماء الفلك العرب كذلك أبو العباس أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني ، الذي ألف كتاب الحركات السماوية وجوامع علم النهار ، وهو مخطط قيم ترجم مرتين إلى اللاتينية في القرن 12 ميلادي ، ثم طبعت هذه الترجمات في أوربا في القرنين 15-16 ميلادي ، وصار أحد المراجع المهمة في لأوربا في ذلك الوقت . أما أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني ، فقد ألف كتاب ( القانون المسعودي ) وهو مصنف ضخم يبحث في علم الفلك والهندسة والجغرافيا ، حيث في ميدان الفلك أشار البيروني إلى دوران الأرض حول محورها . وألف (كتاب التفهيم لأوائل صناعة التنجيم ) ووضع كذلك نظرية لاستخراج مقدار محيط الأرض . أما عبدالله محمد بن جابر بن سنان البتاني فهو أعظم علماء عصره ، وأحد أعلام الفلك عند العرب وعده علماء الغرب من العشرين فلكيا ً المشهورين في العالم كله ، حيث اشتهر برصد الكواكب والأجرام السماوية ، كما بين حركة نقطة الحضيض للأرض ، وأصلح قيمة الانقلابين الصيفي والشتوي ، كما حقق مواقع الكثير من النجوم .
| |
|