نحن شعب بسيط جداً ابسط من ما يتصور الخيال ، شعب مسالم وكريم ، شعب يحتفظ بخصال اندثرت منذ الاف السنين واصبحت طي النسيان ولم يعد لها وجود سوى في بين صفحات كتب التاريخ ، والبساطة التي اعنيها هنا تشمل كل شي يتعلق بحياة المجتمع من عادات وتقاليد وتعامل واخلاقيات وخصال ، كل هذه المعطيات التي كونت الشخصية السودانية بكل ملامحها المتميزة تفرض علينا ان نعكس جزء من مكونات هذه الشخصية المتفردة بكل تفاصيلها المعاشة والتي عايشناها جميعاً على ارض الواقع ، لذلك سوف اقوم من خلال هذا البوست المتواضع بطرح ملامح الشخصية السودانية والغوص في تفاصيل الحياة اليومية والعامة في القرية السودانية في محاولة لعكس ماضي جميل عشناه ولا نزال نعيشه على ارض الواقع مع العلم ان كل هذه التفاصيل موجودة ومستوحاء من الحياة في الريف بشكل شبه متواصل لانها نابعة من عمق المجتمع ومعاشة بكل تفاصيلها ..
البداية ..
طبعاً المناسبات في السودان سواء كانت سعيدة او حزينة هي حاجة فريدة من نوعها وما عندها شبيه في كل بلاد الدنيا ودا بيمثلوا ترابط هذا الشعب وطيبة انسانو وبساطتو
مثلاً مناسابات الزواج عندنا في القرى بتبداء باعلان العريس لموعد الزفاف ومن اليوم داك كل الاهل والجيران بيكونوا في وضع استعداد كامل لعرس ( مزمل ) مثلاً تلقى اصحاب العريس بيجهزوا في الكروت بتاعت الدعوة بتاعت المرطبات لي ناس الحلة والغداء لناس القرى التانية ويكتبوا ما ينسوا زول ويجي ابو العريس خاشي عليهم في الديوان ( اها هوي عمكم الامين ود الفكي في حليوة ما تكونوا نسيتوه ما تلومونا مع زول ) ( لا ياحاج ما تشيل هم ما نسينا زول )
النسوان بيغادي بيحمرن في البصلة ويعملن في الفطير وام العريس تنادي ليها شافعتين صغار ( تعالن النرسلكن لي ام الحسن بت الامام بتعرفنها ) ( آآآي ) ( خلاص امشن قولن ليها خالتي عشة قالت ليك بعد بكرة عرس ولدا تعالي اتغدي معاها ) ، في صايد تاني من الحوش مجموعة شباب بيجهزوا في مكان للطباخ وبراميل موية لزوم الاكل وكدا !!!
واحدين تانيين سايقين التور والخرفان للزريبة ، والشباب الصغار بيفتشوا للكشافات ( ياخي امشي للبعيو ود شربك عندوكشافة جيبا منو ) واتنين تانيين واقفين مع العريس ( اسمع نحنا ربطنا ليك الفنان ياسر سيد خليفة يوم الخميس هو شغال مدني لحدي الساعة 11 وبعد 11 بيجينا ومعاهو بتاع الساوند عزو البحوث ) اما حنة العريس ربطنا ليك مواهب فرنسا بكرة بس دايرين العربون ) العريس يخش يجيب العربون ويجي اسمعوا انتوا ماشين مدني اغشوا معاكم التلج والرغيف ارفعوها في البوكسي .
اليوم التاني من الصباح البنات يقشن الحوش ويفرشوا رملة حمراء والشباب يربطوا الصيوان العصر تبداء حنة العريس البنات اخر كريمات واخر قشرة والشباب الجنز حدوا البنكرياس والزغاريد تجيب الضهبان في نفس الحوش يربطوا ليك الساوند والفنانة تبداء ليك بغنية هادية وبعدا تخش ليك ( عديلة يا بيضاء ويا ملائكة سيري معا ) ( وححنو ححنو وبنات امو جوا الليلة)
الخالات والعمات زغاريد والشباب هجيج صاح وشافع صغير نص الدايرة يفك ليك العاب نارية الجماعة ينطوا ياولد انعل يومك قطعتا قلبنا العب برة
البنات يخشن شايلات صنية الحنة فيها صحن الجرتق وحقيين والحنة في الصحن فوق ليها شموع ملونة وريحة البخور الما خمج ويقعدوا العريس في العنقريب ويحننوا وجنب العريس لازم يكون قاعد اقرب صاحب ليهو من اولاد الحلة دا وزيرو ويحنن يدوا معاهو والشباب يختوا ليهم الحنة برضو والسهرة تستمر لحدي قريب الصباح ، الناس تمشي تنوم عشان بكرة الوقفة طويلة
يوم المناسبة بعد صلاة الصبح طوالي ابو العريس واعمامو والناس الكبار يضبحوا التور ولازم يقعدوا كلهم لحدي الضبيحة ما تتم ويشربوا الشاي بالفطير ، انتهت الضبيحة يشيلوا اللحم بتاع الطباخ في الصواني يودوهوا ليهو ويبداء يجهز طبعاً الطباخ ماعندوا شغلة بالفطور بيعملنوا النسوان عصيدة بملاح تقلية وروب وطاعمية وفول ودمعة وشعيرية ( يا اخوانا في ابسط من كدا ) والله دي حقيقة واتحدى اي زول يقول لي انو فطور العرس عندهم بيطلع من الحاجات دي
الناس فطرت وشربت الشاي الشباب يملوا براميل الموية والحافظات تتملي تلج والكراسي والطرابيز تتختا بعد صلاة الظهر في الجامع يتم العقد ويوزعوا البلح على المصلين والناس تبارك لاهل العروسين وعلى طول على الغداء وهنا بتبداء حركة وجوطة كبيرة ( يا الطيب ياخي قعدوا الناس ديل عشرة عشرة ) ( خت الصينية دي هنا جنب ناس عمك البشير ديل ) ( النسوان ادوهن تلاتة صواني للضيفان ) ( اسمع طلعوا خمسة صواني للرجال وخمسة للنسوان نظموا الشغلانة ) (مافي صحانة فاضية خشو جوة البيوت جيبوا الفاضي يا خوانا ) ( اسمع التلحيقة خليها رجلة وبطاطس ) ( جيب ضلعة هنا ياخي دي صينية ضيفان )، ويستمر البرنامج دا لحدي قريب المغرب والغداء يشطب ، الناس تبداء تفكر في موضوع السيرة والحفلة وعشا الفنانين
الساعة تمانية مساء العريس يجرتقوه ويلبس البدلة السوداء ويختوا ليه الضريرة والهلال ويكحلوه والزغاريد والدلوكة والسيرة تمرق العجاج في السماء والشفع يجاروا والسيرة شاقة الحلة لحدي ناس العروس ، اها هنا السيرة بتقيف برة لحدي ما اهل العروس يمرقوا بي دلوكتم ويردوا علي ناس العريس ويدخلوهم العريس يخش في غرفة قدامية براها معاها حوش صغير زي بيت القبانة دي اسمها بيت العريس ، اجيبوا ليهم العصير وغالباً بيكون اما تانج او كركدي بارد والناس الراقيين شوية بيجيبوا بيبسي ، اها بعدا يجيبوا عشاء العريس ويعشوا السيرة ، غالباً العشاء بيكون باقي غداء بيت العرس ، الفترة من بعد عشاء السيرة لحدي الحفلة ما تبداء الناس بتتفرق البيمشي ينوم والبنات يمشن يجهزن نفسهن للحفلة ( اديني طرحتك البيجية ، الاسكيرت الاسود اكويهو لي معاك انا ديرا اكوي شعري ، الفير وين ) اها الشباب بيهناك ( اسمع القاش بتاعي ما لقيتو ، اكوي لي قميصي دا معاك )
اها بعد الساعة 12 الاستاذ ياسر سيد خليفة وناس عزو بتاع الساوند وصلوا نزلوهم في ديوان ناس الشيخ وودوا ليهم موية والعشاء بتاع الفنانين سخنوه واعملوا شاي يصحوا ليك مدينة وناهد من النوم اعملن العشاء ويودوهو للفنانين ، عزو والشباب يربطوا ليكا الساوند ويجربوه ( تست ون يست 1 2 3 تيست ) الحلة كلها تصحى الشافع من السرير يطس ليك موية في وشو وباقي الجسم اغباااااااااش وجري ساحة اللحفلة ، الساعة واحدة ياسر يديها ليك ( ما اصلوا ريدا اصبح حياتي من يوم فؤادي لهواك هدى ) العريس هنا بيكون مشا للعروس الخاتنها في بيت ناس مشاعر بت علي بعيد الناس وبالبوكس ولا عربية صغيرة جاي بيها ضيف من مدني ولا الخرطوم يبجبا ويجي خاشي على مكان الحفلة الجماعة يجوا للفنان اسمع العرسان خاشين ( ياسر طوالي يبداء يعزف ليك زفة ( تيتري تتت تي تي تارا ) وبتاع الفيديو يصور من باب العربية لحدي الكوشة ، والناس تتلما ليك في العرسان مبروك يا عريس العرسان يقعدوا بعد نص ساعة والحفلة تدور لحدي الصباح
كدا اليوم انتهي والحلة كلها تقريباً شاركت فيهو
والله دي صورة حقيقية انا عايشتها شخصيأ في بورتبيل عشرات المرات واصبحت روتين ثابت في كلو مناسبة انا حضرتها بعيدة ولا قريبة .
مع مناسبة اخري يتواصل نبض الافراح الوردية والاحزان النبيلة في وطن القماري
ولنا عودة